مأرب برس - 8/31/2025 7:27:19 PM - GMT (+3 )

الأحد 31 أغسطس-آب 2025 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - غرفة الأخبار
أزاحت تسريبات عبرية الستار عن عمليات “الزفاف الأحمر”، التي اعتمدتها غرفة عمليات الموساد لاصطياد وتصفية النخبة الإيرانية خلال حرب يونيو/ حزيران، المعروفة إسرائيليًا بـ”الأسد الصاعد”.
ونقل موقع “نتسيف” العبري عن دوائر استخباراتية في تل أبيب أن “إسرائيل كانت تراقب كبار العلماء النوويين الإيرانيين منذ أواخر العام 2022، وكانت تدرس خططًا لتصفيتهم منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنها أرجأت العملية لتجنب المواجهة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن آنذاك”.
وراجعت وحدة الموساد، المعروفة إسرائيليًا بـ”فرقة قطع الرؤوس”، ملفات جميع العلماء النوويين الإيرانيين المعروفين لدى إسرائيل، لتحديد أولويات عمليات التصفية، وتضمنت القائمة الأولية 400 اسم، لكنها تقلصت لاحقًا إلى 100 اسم، استنادًا في المقام الأول إلى مواد من الأرشيف النووي الإيراني، الذي سرقته وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) من إيران في عملية نوعية العام 2018. وفي نهاية المطاف وقع الاختيار على 13 عالمًا نوويًا تم القضاء عليهم بالفعل خلال الحرب الأخيرة مع إيران.
ووفق تقرير الموقع العبري، لم تقتصر عمليات “الزفاف الأحمر” على العلماء النوويين، وإنما شملت دوائر عسكرية وسياسية في حكومة إيران والحرس الثوري الإيراني، وعزز التقرير معلوماته بتصريحات صحافية أدلى بها مصطفى هاشمي تابه، نائب الرئيس الإيراني والوزير السابق، في مقابلة أُجريت معه أواخر يونيو/ حزيران، وقال فيها: “وصل الاختراق الإسرائيلي إلى أعلى مستويات صُنّاع القرار في إيران”.
وتشير التسريبات إلى معلومات جديدة حول هجوم إسرائيل على اجتماع سري، لم يعلم به إلا المشاركون فيه بتاريخ 16 يونيو/ حزيران، أو بالأحرى بعد 4 أيام من اندلاع حرب الـ”12 يومًا” بين إسرائيل وإيران. خلال هذا اليوم، عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعًا طارئًا في مخبأ عمقه 30 مترًا تحت منحدر جبلي غرب العاصمة طهران.
وبحسب التقرير، وصل كبار الشخصيات، بمن فيهم الرئيس مسعود بازكيان، ورئيسا وزارتي القضاء والاستخبارات، وكبار القادة العسكريين، في رتل من السيارات المنفصلة؛ ولم يكن أي منهم يحمل هواتف محمولة، لعلمهم أن الاستخبارات الإسرائيلية قادرة على تعقبهم.
ورغم كل الاحتياطات، أسقطت الطائرات الإسرائيلية 6 قنابل على المخبأ بعد بدء الاجتماع بقليل، مستهدفة أبواب الدخول والخروج. وفي حين لم تُسفر العملية عن قتلى داخل المخبأ، لقي على إثرها عدد من الحراس مصرعهم، لا سيما أنهم كانوا يقفون أمام الأبواب.
وأثار هذا الهجوم فوضى داخل أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وسرعان ما اكتشف المسؤولون الإيرانيون ثغرة أمنية خطيرة، أكدت علم الإسرائيليين بالاجتماع عبر اختراق هواتف الحراس الشخصيين، الذين رافقوا القادة الإيرانيين إلى مكان الاجتماع وانتظروا في الخارج، وفقًا لخمسة مسؤولين إيرانيين كبار، واثنين من الحرس الثوري، وتسعة مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين.
ودفعت الواقعة فيما بعد أجهزة الأمن والاستخبارات في طهران إلى البحث لمدة شهرين عن خيوط خفية، ساعدتها في رصد وتحديد الطريقة التي تمكنت بها عناصر الموساد من المساس بقادة الدولة ومسؤوليها.
حراسة متهورة
وتبيّن لاحقًا أن “استخدام طواقم الحراسة المتهور للهواتف المحمولة على مدى عدة سنوات، ونشر معلومات تتعلق بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لعب دورًا محوريًا في قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على تحديد موقع كبار العلماء النوويين والقادة العسكريين الإيرانيين، ومكّن القوات الجوية الإسرائيلية من مهاجمتهم وقتلهم بالصواريخ والقنابل خلال الأسبوع الأول من الحرب”، حسب مصادر إيرانية وإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قال ساسان كريمي، الذي شغل سابقًا منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإيرانية الحالية، وهو حاليًا معلق سياسي ومحاضر في جامعة طهران: “نعلم أن كبار المسؤولين والقادة لم يحملوا هواتف، لكن حراس أمنهم وسائقيهم حملوها، دون اتخاذ الاحتياطات على محمل الجد، وبالتالي تم اكتشاف معظمهم”.
وفيما يتعلق بالقادة العسكريين الكبار، كشفت التسريبات أن إسرائيل تعمل منذ عدة سنوات على تعزيز قدراتها على ضرب وقتل كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين ضمن خطة “الزفاف الأحمر”. وفي هذا الخصوص، كشف مصدر إسرائيلي أن الجنرال أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، كان الهدف الأساسي للعملية، رغم أن الفكرة الأساسية كانت تحديد ما بين 20 إلى 25 هدفًا بشريًا، وتصفيتهم جميعًا في بداية الحرب، على افتراض أنهم سيتصرفون بحذر أكبر بعد ذلك؛ ما يجعل اغتيالهم أكثر صعوبة.
تحركات الكبار
وتشير معلومات الموقع العبري إلى أنه رغم استهداف عشرات القادة والعلماء الإيرانيين في الأيام الأولى من الحرب، إلا أن مسؤولي الأمن الإيراني، بما في ذلك الحرس الثوري، كانوا يشتبهون منذ فترة طويلة في أن إسرائيل تتعقب تحركات كبار المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين من خلال هواتفهم المحمولة.
وفي العام الماضي، بعد أن فجّرت إسرائيل قنابل مخبأة داخل آلاف أجهزة الاستدعاء (البيجر) التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان، منعت إيران العديد من كبار مسؤوليها، لا سيما العاملين في مناصب حساسة للغاية، من استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة.
وتقع مسؤولية حماية كبار المسؤولين والقادة العسكريين والعلماء النوويين على عاتق لواء النخبة في الحرس الثوري الإيراني، المعروف باسم “أنصار المهدي”، تحت قيادة الجنرال محمد جواد الأسدي، أحد أصغر قادة الحرس الثوري. وحسب معلومات الموقع العبري، كان الأسدي قد حذر شخصيًا عددًا من كبار القادة، بما في ذلك العالم النووي البارز محمد مهدي طهراني، من أن إسرائيل تخطط لاغتيالهم قبل شهر على الأقل من اغتيالهم في اليوم الأول من الحرب.
وقبل الحرب أيضًا، عقد الأسدي اجتماعًا مع رؤساء الفرق الأمنية، وطلب منهم اتخاذ احتياطات إضافية؛ إلا أنه رغم التعليمات والتحذيرات الصارمة، انتهك أحد المسؤولين التوصيات، وحمل هاتفًا معه إلى اجتماع مجلس الأمن القومي في 12 يونيو/ حزيران؛ ما سمح للإسرائيليين بتنفيذ الهجوم الدقيق.
وخلص تقرير الموقع العبري إلى أنه فور وضع أوزار حرب يونيو/ حزيران، أصبحت الهواتف الذكية محظورة تمامًا على كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين والمسؤولين الحكوميين، وكذلك على حراسهم العسكريين، الذين يُسمح لهم بالتواصل عبر أجهزة مشفرة فقط.
إقرأ المزيد