مأرب برس - 12/22/2025 6:58:46 PM - GMT (+3 )
الإثنين 22 ديسمبر-كانون الأول 2025 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - مسند

مقدمة
رصدت منصة مسند تصاعدًا متسارعًا لخطاب التحريض الديني العنصري والمناطقي وخطاب الكراهية من على منابر المساجد هذه المرة بدلًا من منابر إلكترونية، وذلك بالتزامن مع التصعيد الأخير الذي نفّذه المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، وتوسّع انتشار مسلحيه ميدانيًا، حيث برزت الحاجة إلى غطاء خطابي يشرعن التحركات المسلحة التي وصفتها الحكومة بالأحادية خارج إطار التوافق الحكومي.
ومنح الخطاب الديني التحريضي مشروعية سياسية ودينية لتحركات الانتقالي.
وبالتوازي مع ذلك، لوحظت كثافة ملحوظة في الحملات الإلكترونية المنسّقة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز خطاب الكراهية وتعميق الانقسام المجتمعي.
ومع تصاعد موجة التفاعل في الفضاء الرقمي، اعتمدت حسابات فاعلة على توظيف الخطاب الديني لتوجيه الرأي العام لصالح العمليات العسكرية لمسلحي المجلس الانتقالي، عبر تبرير استخدام القوة والتحريض على استباحة الدماء، والدعوة إلى مهاجمة القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا، والسيطرة على المناطق الخاضعة لسلطتها.
كما أن الرصد والتتبع الدقيق يكشف أنه لم يقتصر المسار على الخطاب غير الرسمي، بل تزامن مع قرارات سياسية ودينية أبرزها إعلان تشكيل هيئة إفتاء جنوبية من قبل عيدروس الزبيدي وما تبعه من تحذيرات رسمية واستغراب من مجلس القيادة الرئاسي بشأن التعامل مع هذه الهيئة واعتبارها خارج الإطار الشرعي والقانوني.
في هذا التحقيق يرصد فريق منصة مُسند المقاطع المصوّرة والخطب المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحلّل أبرز المواد التي أسهمت في ترسيخ خطاب الكراهية والتحريض على العنف وتعزيز الانقسام، كما يفكّك القرارات المرافقة لها ضمن سياقها السياسي والديني.
ويعتمد التحقيق على منهجية التحليل الدولي لخطابات الكراهية والتحريض مع التركيز على آليات الاستغلال الديني في النزاعات السياسية وأثر هذا الخطاب على السلم الاجتماعي والمجال العام في جنوب اليمن.
التحريض الديني
في 6 ديسمبر 2025، أظهر تحليل خطبة «أسباب النصر والتمكين» للشيخ منير السعدي انتقالًا من الوعظ إلى التعبئة السياسية–الدينية عبر تسييس النصوص وربط “النصر الإلهي” بمعسكر محدد.
وتضمّن الخطاب نزع إنسانية الخصوم وتحريضًا صريحًا بالدعاء بالقتل والتدمير مع إعادة تعريف إقصائي للهوية والانتماء بما يعمّق الانقسام المجتمعي.
الدعوة للاحتشاد
في سياق الاستغلال الديني للخطاب العام، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «جمعة الثبات والتمكين»، حيث أظهر تحليل الخطاب شيطنةً مُسيّسة للخصوم وإضفاء شرعية دينية على طرف بعينه بما يعمّق الانقسام.
كما رسّخ استخدام «عفاش» كرمز كراهية جامع يُسهّل التعميم والإقصاء ويُهيّئ بيئة خطابية مُطبِّعة للتحريض والعنف السياسي
ويتصاعد التحشيد بالدعاء القتالي وتلاوة سورة النصر وهتافات جماهيرية، لتحويل المنبر الديني إلى منصة تعبئة سياسية تُغذّي الاستقطاب وتُطبّع الإقصاء.
تحريض من سقطرى
أمّا في سقطرى، فقد نشر صالح جميل السقطري خطبة أظهر تحليلها توظيفًا صريحًا للخطاب الديني في شرعنة الصراع السياسي والعسكري عبر تحويل الاعتصام والمواجهة إلى «عبادة وقُربة».

كراهية من خطيب في الضالع
في الضالع، كشف مقطع متداول نشره يحيى غالب تصعيدًا خطيرًا في تديين العنف عبر شرعنة الإزالة القسرية والقتل بخطاب ديني وطائفي وربط ذلك بالولاء لقيادة عيدروس بن قاسم الزبيدي بما يُطبّع التحريض ويعمّق الانقسام المجتمعي.
رُصد على فيسبوك مقطع من الخطبة نُشر على صفحة أديب الثمادي يُظهر تسيسًا دينيًا عبر دعاء يُنتج «عدوًا أخلاقيًا» ثم يُغلّف بالعبادة، محوّلًا المنبر إلى أداة تحشيد رمزي تُعمّق الاستقطاب والانقسام في البلد
تأثير التحريضي الديني المباشر
رُصدت مقاطع ميدانية داخل ساحة الاعتصام عقب صلاة الجمعة تُظهر حالة انفعال حاد وخطابًا مشحونًا لدى بعض المصلين، بما يوثّق انتقال أثر الخطاب من المنبر إلى المزاج الشعبي.
ويكشف التحليل توظيف الشعائر والمكان الديني كأداة تعبئة سياسية تُقدّم الانقسام كحتمية دينية، وتُسهم في تعميق الاستقطاب .
في يافع، كشف تحليل خطبة الشيخ عبدالسلام جبر تسيسًا واضحًا للخطاب الديني عبر تحويل الوعظ إلى أداة تعبئة سياسية، وتأطير الواقع كـ«ابتلاء إلهي» يمنح شرعية دينية لمواقف سياسية محددة.
ويُكرّس الخطاب إقصاء الرأي المخالف وتسييس الهوية الدينية بما يعمّق الاستقطاب ويُضفي غطاءً دينيًا على الصراع السياسي.

برز توظيف بعض المنتمين للتيار السلفي في يافع للصراع السياسي عبر إعلان عيدروس بن قاسم الزبيدي وليّ الأمر واعتبار طاعته واجبًا شرعيًا.
ويُحوّل هذا الطرح الخلاف السياسي إلى إلزام ديني يُقصي المعارضين ويُضفي غطاءً شرعيًا على السلطة، بما يعمّق الاستقطاب ويُسيّس المرجعية الدينية.
فتوى القتل
أظهر تحليل الفيديوهات المتداولة إعادة تداول مقطع سابق لشيخ يُصدر فتوى صريحة بالقتل تستهدف فئة على أساس جغرافي («استهداف الجنود الشماليين»)، مع نزع إنسانيتهم ووصمهم كـ احتلال ويُعد هذا الخطاب تحريضًا مباشرًا عالي الخطورة يُشرعن العنف الجماعي ويهدد السلم الاجتماعي، ولا يندرج ضمن حرية التعبير أو الجدل السياسي.
مصدر الفتوى
رُصد نشاط صفحة لشخص يُدعى عبدالله شعيفان البكري الجنوبي ينشر فيديوهات تتضمن خطاب كراهية دينيًا مؤدلجًا وتحريضًا صريحًا على العنف عبر التكفير السياسي ونزع الإنسانية عن الخصوم.
ويعتمد المحتوى على إسقاط تعسّفي للنصوص الدينية لشرعنة الاستهداف والتهديد، بما يحوّل الوعظ إلى أداة ترهيب جماعي تهدد السلم الاجتماعي.
تناقض على منبر ديني
يُظهر منشور هاني بن بريك خطاب كراهية دينيًا مُسيّسًا يقوم على الوصم ونزع الشرعية واحتكار “السنة”، ويُصعّد الاستقطاب عبر إسقاط ديني للخصوم وتبرير قرار سياسي مرتبط بـ عيدروس بن قاسم الزبيدي دون دعوة صريحة للعنف.
تغريدة هاني بن بريك
يكشف تداول تسجيل قديم لـ هاني بن بريك تناقضًا حادًا بين خطاب ديني وحدوي سابق يرفض الانقسام والانفصال وخطاب لاحق إقصائي مُسيّس، بما يعكس توظيفًا براغماتيًا للدين وفق السياق السياسي.
مصدر التداول
في سياق التحريض الديني المتصاعد، أصدر عيدروس الزُبيدي قرارًا بتشكيل هيئة الإفتاء الجنوبية (قرار 32 لسنة 2025)، مُكمّلًا مسار توظيف الدين في شرعنة القرارات السياسية والتحركات الميدانية.
ويُظهر القرار انتقالًا من خطاب ديني تعبوي غير رسمي إلى إطار مؤسسي يمنح السلطة غطاءً شرعيًا، ويكرّس تداخل الدين بالحكم بما يهدد الاستقلال الديني والسلم الاجتماعي.
رابط القرار
قوبل قرار تشكيل هيئة الإفتاء الجنوبية برفض رسمي من الحكومة اليمنية حيث نقلت وكالة الأنباء اليمنية سبأ بيانًا اعتبر الخطوة إجراءً أحاديًا مخالفًا للدستور وإعلان نقل السلطة، محمّلًا عيدروس قاسم الزُبيدي مسؤولية القرار.
وحذّر البيان من مأسسة الخطاب الديني المُسيّس وتشطير المرجعية الدينية وتحويل الفتوى إلى أداة صراع سياسي، بما يهدد السلم المجتمعي وسيادة الدولة.
إقرأ المزيد


