مأرب برس - 12/22/2025 6:19:46 PM - GMT (+3 )
الإثنين 22 ديسمبر-كانون الأول 2025 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - مسند

وسمان وسردية واحدة: تضليل مزدوج لاشاعة اغلاق ميناء عدن
شهدت الساحة الرقمية اليمنية خلال الأيام الماضية اطلاق وسمين تضليلية متزامنة"#ميناء_عدن_شريان_الغذاء و #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن " حصلت على رواج وانتشار واسع وتفاعلات كبيرة في أوساط المستخدمين على منصة إكس بعد إطلاق دعوات واسعة للمشاركة في الحملة الإلكترونية من قبل حسابات وهمية أغلبها تدعم وتؤيد المجلس الانتقالي الجنوبي وأخرى مؤدلجة متداخلة في الحملتين، مكثفة من إعادة التغريد أكثر من عدد التغريدات نفسها التي لم تستند إلى أي أدلة تثبت إغلاق ميناء عدن.
عملت منصة مسند على تحليل الحملات الإلكترونية التي انطلقت هاشتاقاتها بالتزامن في وقت واحد وخلال يوم واحد، حيث تصدر الوسمان "#ميناء_عدن_شريان_الغذاء و"#السعودية_تعطل_السفن_لعدن" النقاش على منصة (إكس)، بعدما حققا معًا أكثر من 11 ألف منشور وأكثر من 50 ألف تفاعل، بوصولٍ تراكمي تجاوز 14 مليون وصول محتمل، في زخم رقمي غير تدريجي قاده خطاب سلبي تجاوز 87% في كلا الوسمين.
زخم رقمي مفاجئ
سجّل وسمَا #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و#ميناء_عدن_شريان_الغذاء نشاطًا رقميًا لافتًا خلال فترة زمنية وجيزة، بعدما شهدا قفزة مفاجئة في حجم النشر والتفاعل خلال ساعات محدودة، دون أي تصاعد طبيعي معتاد.
ووفق بيانات الرصد، بلغ عدد المنشورات المرتبطة بالوسمين نحو 11.6 ألف منشور، محققة أكثر من 59.4 ألف تفاعل، مع وصول محتمل تجاوز 14 مليون مستخدم. هذا التزامن في الارتفاع الحاد يعكس نمط ضخ مكثف للمحتوى، يُلاحظ عادة في الحملات المنسّقة، لا في التفاعل العضوي.
وتشير المؤشرات إلى أن هذا الزخم لم يكن مدفوعًا بحدث جديد، بل نتج عن إعادة تداول الادعاء نفسه بصيغ متعددة خلال نافذة زمنية ضيقة، بهدف فرض حضوره في الفضاء الرقمي قبل إتاحة المجال للتحقق أو ظهور روايات مضادة.
ورغم توظيف مكثف للإطار الإنساني عبر مفردات الغذاء والدواء وحقوق الإنسان، تحولت القضية سريعًا إلى سردية سياسية تعبويّة استمرت في الانتشار رغم صدور نفي رسمي ينفي حدوث التعطيل لحركة الملاحة في ميناء عدن، ما يجعل الحملة نموذجًا لهندسة تضليل سياقي تعتمد على الكثافة والسرعة وتعدد الصيغ لترسيخ الانطباع العام بدل الاستناد إلى وقائع مثبتة.
انطلاق الحملتين: تزامن محسوب ورسالة واحدة بصيغتين
انطلقت حملة #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن بالتزامن الزمني ذاته تقريبًا مع إطلاق وسم #ميناء_عدن_شريان_الغذاء وذلك يوم 16 ديسمبر 2025 خلال ساعات المساء، حيث أظهرت بيانات الرصد أن الذروة الأولى للتفاعل على الوسمين حدثت خلال النافذة الزمنية نفسها، وبمشاركة مجموعة متداخلة من الحسابات. هذا التزامن لا يعكس مسارين منفصلين للنقاش، بل يكشف عن إطلاق مزدوج محسوب لسردية واحدة جرى توزيعها على وسمين مختلفين؛ أحدهما يروّج لادعاء تعطيل السفن، والآخر يعيد إنتاج الرسالة ذاتها بصيغة إنسانية توحي بوجود تهديد غذائي. ويشير هذا النمط إلى هندسة متعمدة للحملة، هدفت إلى توسيع دائرة الانتشار وتعزيز قابلية التصديق عبر خلق انطباع زائف بوجود نقاشين مستقلين، رغم أن المعطيات الفعلية والنفي الرسمي يؤكدان عدم وقوع أي تعطّل في حركة السفن إلى ميناء عدن.

خطاب متعدد يخدم سردية واحدة
أظهرت بيانات تحليل المشاعر أن الخطاب السلبي هيمن بشكل كاسح على كلا الوسمين. ففي وسم #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن بلغت نسبة المحتوى السلبي نحو 87.9% مقابل 2.4% فقط محتوى إيجابي، ما يعكس تركيزًا واضحًا على الاتهام والتصعيد دون طرح معلومات موثقة. وبالمثل، سجّل وسم #ميناء_عدن_شريان_الغذاء نسبة سلبية قاربت 87.1% مقابل 1.2% محتوى إيجابي، رغم تقديمه ظاهريًا بصيغة إنسانية. هذا التقارب اللافت في نسب السلبية بين الوسمين يؤكد أن كليهما خدم السردية ذاتها، وأن الاختلاف اقتصر على الشكل اللغوي لا المضمون، حيث جرى استخدام خطاب إنساني في أحدهما لتوسيع التأثير، دون تغيير جوهر الرسالة الاتهامية المرتبطة بادعاء غير مثبت حول تعطّل السفن.

تمركز صناعة المحتوى مقابل اتساع دائرة إعادة النشر
رغم أن الوسمين #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و #ميناء_عدن_شريان_الغذاء حققا آلاف المنشورات ووصولًا تراكميًا تجاوز 14 مليون، تُظهر بيانات المؤلفين أن إنتاج المحتوى الأصلي تمركز في عدد محدود من الحسابات، بينما جاء الجزء الأكبر من الانتشار عبر دائرة أوسع من الحسابات التي انخرطت في إعادة النشر والتفاعل دون أن تكون ضمن صُنّاع المحتوى الأساسيين. هذا التفاوت بين ضيق قاعدة الإنتاج واتساع قاعدة التوزيع يعكس نمط تضخيم يعتمد على ضخ سردية موحدة من نقاط إنتاج قليلة، ثم تعميمها بسرعة عبر شبكات إعادة النشر، بما يمنح الانطباع بانتشار جماهيري واسع، رغم أن الرسائل الأساسية ظلت صادرة عن مجموعة محددة من الحسابات. ويُعد هذا الأسلوب مؤشرًا شائعًا في الحملات المؤطرة سياسيًا، حيث تُستخدم إعادة النشر كأداة لتكبير الصوت لا لتوسيع مضمون النقاش أو تنويعه
نشاط مكثف لحسابات ذات سجل نشر مؤدلج
تُظهر قراءة أنماط المشاركة في الوسمين #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و #ميناء_عدن_شريان_الغذاء أن جزءًا معتبرًا من الزخم قادته حسابات تمتلك سجلًا سابقًا في تداول خطاب سياسي مؤدلج، حيث كثّفت هذه الحسابات النشر خلال نافذة زمنية قصيرة، وأعادت إنتاج السردية نفسها بصيغ متقاربة. ولم يقتصر دورها على التفاعل العابر، بل برزت كمحرّك أساسي للخطاب عبر الربط المتكرر بين الادعاء غير المثبت وأطر إنسانية أو سياسية جاهزة. هذا النمط من السلوك، الذي يستند إلى توظيف الحدث ضمن مسار خطابي سابق، يشير إلى أن الحملة لم تكن منفصلة عن تراكمات أيديولوجية قائمة، بل جرى استثمارها لتغذية الزخم وتثبيت سردية محددة، أكثر من التعامل معها كواقعة قابلة للتحقق أو النقاش الموضوعي.

المحتوى المنشور ضمن الحملة
اتسم المحتوى المنشور ضمن حملتي #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و #ميناء_عدن_شريان_الغذاء بالتشابه العالي في الصياغة والرسائل، حيث تكرر الادعاء ذاته حول تعطيل السفن وربطه بالغذاء والدواء، مع اعتماد واضح على عبارات اتهامية وصور ذات طابع إنساني، دون إسناد إلى بيانات رسمية أو وثائق ملاحية تثبت صحة الادعاء. وغالبًا ما جاء المحتوى في شكل منشورات قصيرة مباشرة أو إعادة نشر لرسائل جاهزة، ما حدّ من تنوع الطرح داخل النقاش.
ورُصد ضمن عدد من المنشورات استخدام لغة هجومية وتوصيفات مهينة، تجاوزت النقد السياسي إلى الشتم والتجريح اللفظي، من خلال عبارات حادة ذات طابع أخلاقي وإدانة جماعية، وهو ما أسهم في رفع حدّة الخطاب وتحويل النقاش من عرض ادعاء إلى تصعيد لفظي تعبوي. هذا النمط، القائم على إعادة تدوير الادعاء نفسه بصيغ مختلفة، يعكس توجّهًا تعبويًا يهدف إلى ترسيخ انطباع بوجود أزمة قائمة، رغم غياب أي تعطّل فعلي في حركة السفن ونفي ذلك رسميًا، وهو ما يحوّل المحتوى من نقل معلومة إلى أداة ضغط سياسي قائمة على الإيحاء لا الوقائع.
نفي رسمي
في ذروة التفاعل مع الحملتين، صدر نفي رسمي عبر بيان نشره معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة، نفى فيه بشكل قاطع صحة الادعاءات المتداولة حول إيقاف تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن، مؤكدًا أن الإجراءات المعمول بها مستمرة دون أي تغيير، وأن تصاريح جديدة أُصدرت خلال الساعات الـ48 الماضية. وشدد البيان على أن حركة الملاحة والتجارة في الميناء تسير بصورة طبيعية، داعيًا إلى تحري الدقة وعدم الانسياق خلف الشائعات. غير أن هذا النفي الواضح، الصادر عن جهة رسمية مختصة، لم ينعكس على مسار الحملتين أو طبيعة الخطاب المتداول فيهما، إذ استمر تداول الادعاء نفسه بالحدة ذاتها، ما يعزز قراءة الحملتين بوصفهما نشاطًا رقميًا مؤطرًا سياسيًا، لا يتفاعل مع التصحيح بقدر ما يسعى إلى تثبيت سردية محددة رغم انتفاء أساسها الواقعي.
سحابة الكلمات: خطاب اتهامي وتأطير سياسي رغم غياب الواقعة
تعكس سحابة الكلمات المصاحبة لحملتي #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و #ميناء_عدن_شريان_الغذاء هيمنة خطاب اتهامي قائم على مفردات الضغط والتجويع والعقاب، إلى جانب إشارات متكررة للغذاء والمعيشة، رغم عدم ثبوت أي تعطّل فعلي في حركة السفن إلى ميناء عدن. ويُظهر هذا التباين بين اللغة المستخدمة والوقائع المعلنة رسميًا كيف جرى تأطير القضية سياسيًا عبر بناء سردية اتهامية منفصلة عن المعطيات الفعلية، حيث استُخدمت الكلمات المفتاحية لإيهام الجمهور بوجود أزمة قائمة. هذا النمط من الخطاب، الذي يقدّم الاتهام بوصفه حقيقة متداولة دون سند واقعي، يعكس توظيف اللغة الإنسانية كأداة تعبئة سياسية، تهدف إلى ترسيخ الانطباع العام بوجود خلل أو استهداف، أكثر من توضيح حدث حقيقي أو تقديم معلومات قابلة للتحقق.
الخلاصة النهائية للحملتين
- إطلاق متزامن ومقصود:
انطلقت حملتا #السعوديه_تعطل_السفن_لعدن و #ميناء_عدن_شريان_الغذاء في التوقيت نفسه تقريبًا، مع ذروة نشاط خلال نافذة زمنية قصيرة، ما يعكس إطلاقًا مزدوجًا محسوبًا لسردية واحدة بصيغتين مختلفتين.
- حجم رقمي مرتفع خلال وقت قصير:
سجّلت الحملتان معًا 11,622 منشورًا خلال فترة زمنية محدودة، وهو رقم مرتفع لا يعكس نقاشًا تراكميًا طبيعيًا، بل زخمًا مدفوعًا ومركّزًا.
- تفاعل مكثّف وغير متوازن:
بلغ إجمالي التفاعلات على الحملتين نحو 59,400 تفاعل
- الوصول التقريبي :
بلغ الوصول التقريبي 14 مليون للحملتين خلال يوم واحد فقط
- خطاب سلبي طاغٍ في الوسمين:
هيمن المحتوى السلبي على الوسمين بنسب متقاربة تجاوزت 87%، مع حضور هامشي للمحتوى الإيجابي، ما يعكس توجّهًا تعبويًا قائمًا على الاتهام والتأزيم لا على عرض معلومات قابلة للتحقق.
- تمركز صناعة المحتوى:
اقتصر إنتاج المحتوى الأصلي على 244 حسابًا أساسي والاف من الحسابات عملت على إعادة نشر السردية والرسائل الأساسية.
- اتساع دائرة إعادة النشر:
جاء الجزء الأكبر من الانتشار عبر آلاف الحسابات الأخرى التي شاركت في إعادة النشر والتفاعل، دون أن تكون ضمن صُنّاع المحتوى الأساسيين، ما يعكس نمط تضخيم يعتمد على قلة مُنتِجة وكثرة مُكرِّرة.
- محتوى اتهامي بلا واقعة مثبتة:
اعتمدت الحملتان على الادعاء بتعطيل السفن وربطه بالغذاء والدواء، رغم عدم ثبوت أي تعطّل فعلي في حركة السفن إلى ميناء عدن.
- نفي رسمي لم يوقف الزخم:
صدر نفي رسمي واضح يؤكد استمرار حركة الملاحة وإصدار تصاريح دخول السفن، إلا أن ذلك لم ينعكس على مسار الحملتين أو حدّة خطابهما.
- هندسة تضليل سياقي:
استُخدم وسم #ميناء_عدن_شريان_الغذاء لتعزيز السردية نفسها عبر إطار إنساني، وإيهام الجمهور بوجود حملتين منفصلتين، بينما تخدمان رسالة واحدة.
- الاستنتاج النهائي:
تُظهر البيانات أن الحملتين تمثلان نشاطًا رقميًا مؤطرًا سياسيًا ذا هدف تعبوي، اعتمد على تضليل السياق وإعادة تأطير قضية غير مثبتة ضمن خطاب إنساني–سياسي، رغم نفيها رسميًا وغياب الواقعة على الأرض.
إقرأ المزيد


